الأدب الإسلامي

 

رَجَوْتُكَ  يا حبيبُ

من فتًى فلسطيني إلى صديق طفولته

 

بقلم :  الشاعر الإسلامي الأستاذ عبد الرحمن بن صالح العشماوي

  

 

  

 

 

دَعِ الرَّشَّاشَ خَلْفَكَ يا حبيبُ

وصافحْنِي فأنتَ أخٌ قريبُ

رصاصتُكَ التي أطلَقْتَ نحوي

تُصيبُكَ مثلما قلبي تُصيبُ

وقاتِلُنا هو المقتولُ فينا

وأَسْعَدُنا هو الأشقى الكئيبُ

لماذا يا أخي ترتدُّ نحوي

ووجهُكَ في مقابلتي غَضُوبُ؟!

ألم نَسْكُنْ مُخيَّمَنا جميعاً

تُشارِكُنا طُفُولَتَنا الخُطُوبُ؟!

ألم نَشْرَبْ مَوَاجعَنا صغَارًا

وَنَرْضَعْهَا كما رُضِعَ الحليبُ؟!

دَعِ الأعداءَ لا تَرْكَنْ إليهم

فما يُعطيكَ إلاَّ الغَدْرَ (ذِيبُ)

إذا امتدَّتْ يدُ الباغي بمالٍ

إليكَ فَخَلْفَهُ هدفٌ مُرِيبُ

لنا أرضٌ مُبَارَكةٌ دَهَاهَا

منَ الأعداء عُدْوانٌ رَهِيبُ

ألم يُدْفَنْ أبي وأبوكَ فيها

وفي عَيْنَيْهِمَا دمعٌ صَبِيبُ؟!

ستَشْقَى ثم تَشْقَى حينَ تَنْأَى

بنا عن طَرْدِ غاصِبِها الدُّروبُ

أخي ورفيقَ آلامي وحُزْني

وأحلامي، رَجَوْتُكَ يا حبيبُ

رَجَوْتُكَ أنْ تكونَ أخا وفاءٍ

لِئَلاَّ يَدْفِنَ الشمسَ الغُروبُ

كأنِّي بالرَّصاصِ يقولُ: كلاَّ

ويَحْلِفُ أنَّهُ لا يستجيبُ

يقولُ لنا: دَعُوا هذا التَّجَافِي

وكُفُّوا عن تَنَاحُرِكُم وتُوبُوا

أخي، إنِّي رأيْتُ الحقَّ شمسًا

يُلازِمُها الشُّروقُ فما تَغِيبُ

فلا تَتْرُكْ يدَ الأحقادِ تُدْمِي

جَبِيناً لا يَلِيقُ بِهِ الشُّحُوبُ

سَمِعْتُ مآذنَ الأقصى تُنادِي

وفي البيتِ الحرامِ لها مُجِيبُ

وصَوْتُ عجائبِ الإسراءِ يَدْعُو

وفي أَصْدَائِهِ نَغَمٌ عَجِيبُ:

إذا دَعَتِ المآذِنُ بالتَّآخِي

فَحُكْمُ إجابَةِ الدَّاعِي الوُجُوبُ

أخي، بيني وبَيْنَكَ نهرُ حُب

وأخلاصٍ بهِ تَرْوَى القُلُوبُ

لِقَلْبَيْنَا منَ الإحساسِ دِفْءٌ

أرى جبلَ الجليدِ بهِ يَذُوبُ

كِلانَا لا يُريدُ سوى انتصارٍ

يعودُ لنا بهِ الوطنُ السَّلِيبُ

كِلانَا في فلسطينَ الْتَقَيْنَا

على هَدَفٍ، ليَنْهَزِمَ الغَريبُ

لِنَرْفَعَ رايةً للحقِّ تُمْحَى

بها من صَدْرِ أُمَّتنَا الكُرُوبُ

أخا الإسراءِ والمعراجِ، بيني

وبَيْنَكَ حَقْلُ أزهارٍ وطِيبُ

بِحَبْلِ العُرْوَةِ الوُثـْـقَى اعْتَصَمْنَا

فلا عاشَ المُخَالِفُ والكَذُوبُ

*  *  *

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ربيع الثاني 1428هـ = مايو  2007م ، العـدد : 4  ، السنـة : 31.